مهداة إلى إبنة غزة البارة والتي لقبت نفسها بفتاة العتمة.
لن ينعق البوم في سمائك.. لا.. ولن تغزو الغربان السود بتلات أزهارك. لا تقولي أنا فتاة العتمة فالدجى يلد الإصباح، ولا تختبئي خلف سواد رمشك فضياء وجهك كان ولا زال مبعث الأنوار. سنديانة عتيقة أنت لطالما تغزّل بها الشعراء وتغنّى بها السمّار، سنديانة عتيقة أنت لطالما رفرفت على أغصانها الحرّة أسراب الأمل والحمام ولطالما سكن إليها العاشقون أيام الصبا ونحتوا أسماءهم ودثّروا أسرارهم بأوراق الثمار.. سنديانة عتيقة أنت وإن داعبتْ غصونك رياحٌ شقية ودغدغت أوراقك أناملُ إعصار. نسمات أمل أنت تفور في فنجان قهوة السماء وتنبعث مع رائحة الهيل لتعقد فوق جبين الزمان غيمة حبلى تبشر بميلاد مطر حرّ يرسل ضياءه على وجنتيك جدائلَ من نور فيغسل بؤساً تسلَّل في غفلة من الزمن ودق أوتاداً له في قلبك الطاهر وزرع خيمة يأس على عجل وإستحياء. لا تقولي فتاة العتمة أنت، فأنت شراع الفرح يبحر بسفينة نوح، يشقُّ رمضاء الفضاء ليعلن لجحافل المنتظرين المترامين في ظلال الكون وللفارين من ظلم فرعون وبطش هولاكو وحكم قراقوش عن وجود ناجين من هجمات النازيين وطعنات التتار. إفتحي ذراعيك للأمل، فلربما تساقطت عناقيده المكتنزة فأثلجت روحك الظمأى وروت عطش الفؤاد لقطرات حب تاهت في صحراء القلوب وغاب بريقها في كبد سحابة سوداء أرخت لها ظلاً عشوائياً لتحاصر أشعة الشمس حين استيقاظها على كتف ضفيرتك فتبعثر ظلها رماداً ودخاناً أسودَ في الفضاء. لستِ فتاة العتمة أنت فارفعي جبهتك للسماء سيضيء هذا الكون بألوان قوس قزح وستستأذنك الشمس حين مغيبها كي تشرقي في سماء غزة شمساً لا تعرف المغيب ولا تحجبها أكفُّ غيمات تحبو بلا أطراف على سلالم بالهواء. لست فتاة العتمة أنت، لست فتاة الظلام.. أنت فتاة الصبح، فتاة النور، فتاة الفرح، فتاة الأمل، فتاة الإشراق, فتاة غزة.. أنت فتاة غزة.