سوف تستشعر أنك بحاجة إلى الله، وأنك لا غنى لك عن الله عز وجل.
أما هو فهو غنيٌ عن العالمين ، هو لا يأكل ولا يشرب ، هو يُطعِم ولا يُطعَم، هو يجير ولا يُجار عليه.. جل جلال الله، الله أكبر!!. ردد أيها العبد (( الحي القيوم)) واستشعر تلك العظمة!..
فإذا كنت تعلم أنك ضعيفٌ و محتاجٌ إلى الله في كل لحظةٍ وفي كل خطوةٍ ومع كل نفسٍ، محتاج إلى توفيقه وإلى ستره وإلى رزقه،
فكيف يجرأ العبد الفقير على سيده فيعصيه؟! ثم يعصيه ثم يعصيه ويقع فيما حرَّم ولا يرجع إليه مستغفرا منيباً..
عجباً لهذا المخلوق! عجباً لهذا الإنسان المتكبر المتجبر! يعلم ضعفه وفقره، ثم يصيبه التكبر و التجبر!!
((لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ)) أي لا يعتريه أي نوع من أنواع الغفلة ولا التقصير ولا النقص، والنوم صفة نقص، والنوم أقوى من النعاس جاء في الحديث ((إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام)) سبحانه وتعالى، فهو رقيب على خلقه، بيده هذا الكون لا يغفل عنه لحظة جل جلاله!
كل ما في هذا الكون لله، الخلق ..كل شيء، ما في السموات وما في الأرض، فكل شيء له لله الواحد الأحد، استشعر ضعفك يا عبد الله، فعند المصيبة تقول إنا لله وإنا إليه راجعون،
هل تستشعر حقاً أنك لله وأنك إليه راجع؟!، ومن كان لله وأنه إليه راجع وواقف: كيف سيكون حاله مع سيده وهو يردد آية الكرسي ؟!.
أي لا يحيطون بعلمه إلا بمشيئته وبالذي يشاؤه أي بالعلم الذي يريد وبالمقدار الذي يريد. المقدار الذي يشاؤه نوعاً وقدراً.
((وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ))
أي كرسيٍّ هذا الذي يسع السموات السبع والأراضين السبع!!
ما هو الكرسي ؟
كثيرٌ من الناس يظن الكرسي هو العرش وهذا ظنٌ خاطئ،
فكما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما الكرسي ((هو موضع قدمي الرحمن!!! )) فلا إله إلا الله! سبحان الله!
السموات السبع والأرضين السبع بالنسبة للكرسي -موضع قدمي الرحمن!!- كحلقة أُلقيت في فلاة، درهم أُلقي في صحراء..
فكيف تكون إذن عظمة العرش!!
وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على هذه الحلقة!
فكيف هي إذن عظمة الله تعالى العظيم جل جلاله!!
هنا يمتلئ القلب تعظيما لله تعالى، هنا يستشعر المسلم عظمة هذه الآية، فتهزه وترجه لما يقرأها صباح مساء..ولا يملك إلا أن تسيل دمعته على خديه تعظيماً وحباً ورهبةً لله العظيم...
((وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا))
لا يعجزه حفظهما ولا يتعبه أمرهما...
((وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ))
وهو العلي بذاته جل وعلا، هو العلي علو ذاتٍ .. علو قهرٍ.. علو قدر.. هذه هي اللذة الرائعة لهذه الآية التي هي أعظم آيات الله جل وعلا وتبارك وتعالى جده!!